تعدد الزوجات حق للرجل أم ظلم للمرأة

تعدد-الزوجات-حق-أم-ظلم
تعدد-الزوجات
          يطرح تعدد الزوجات مشكلة حقوقية وانسانية، فتعدد الزوجات حق بالنسبة للرجل في كثير من القوانين والتشريعات وظلم بالنسبة للمرأة من الناحية الانسانية. ويتخذ الرجل من المنطق الذكوري والدين سندا له في اعتباره تعدد الزوجات حقا له، بينما ظلت المرأة في المجتمعات العربية والاسلامية تعاني من الظلم بسبب ما يعتبره الرجل حقا، فالمرأة تستند الى المنطق السليم الذي يجعلها انسانا لها مشاعرها وأحاسيسها وكرامتها بشكل مساوي للرجل. فإذا كان الرجل لايقبل تعدد الذكور فإن المرأة تطالبه بتطبيق نفس المنطق. فهل يظل تعدد الزوجات حق مع وجود الظلم والضرر بالنسبة للمرأة؟ هل تعدد الزوجات عادة خاصة بالمجتمعات القديمة، أم حق للرجل في كل زمان ومكان؟ وماهي المبررات التي تسمح باستمرارية تعدد الزوجات؟

- تعدد الزوجات بين المرجعية الدينية والحقوقية:

          تعرف ظاهرة تعدد الزوجات انتشارا كبيرا في المجتمعات الاسلامية، ويرجع سبب هذا الامر الى مسألتين مترابطتين هما: الاساس الديني لفكرة تعدد الزوجات من جهة والاصل العربي القريشي لممارسة تعدد الزوجات من جهة ثانية. والواقع أن الدين الاسلامي قد شرع كثير من الممارسات التي كانت سائدة في مجتمع قريش واعتبرها جزءا منه سواء ضمن العبادات (كالحج) او ضمن المعاملات مثل تعدد الزوجات. وقد يكون للتشريع الديني مبرراته التي تجعله مناسبا لعصره ومجتمع قريش. لكن ذلك لا يعني ان تعدد الزوجات أمر عادي بالنسبة للجميع، وأنه ليس فيه انتهاك لكرامة المرأة. لقد تأسست فكرة تعدد الزوجات على منطق ذكوري يعتبر أن الرجل له القوة والذكاء والقدرة على التدبير بينما يضع المرأة في مستوى أدنى إذ يحتقرها ويعتبرها ضعيفة وجاهلة او غبية وناقصة ذكاء وعقل، وقد يختزلها في مجرد جهاز تناسلي وظفته اشباع رغبات الرجل والانجاب. وبناء على ذلك يمنح الرجل لنفسه حق الوصاية على المرأة ويحرمها من تحمل مسؤوليتها الوجودية والاجتماعية.

         والواقع أن هذه الوصاية هي عين الظلم الذي يفرضه الرجل على المرأة، بحيث يستعين بالنصوص الدينية ليخضع المرأة لسلطته، بينما الحياة الزوجية تبنى على أساس التوافق والتكافؤ بين الطرفين، والاحترام المتبادل والاعتراف بكرامة كل منهما للاخر. وهذا الاحترام لا يمكن تحقيقه في ظل وصاية أحدهما على الاخر. فمنطق الوصاية يحول المرأة من زوجة الى جارية (عبيد) وذلك فعلا ما يمارسه كثير من الذكور في العالم الاسلامي. إن تعدد الزوجات يخالف كل الضوابط الاخلاقية التي تمنح للمرأة كرامتها، وتجعلها انسانا كامل الانسانية، ويعترف بوجودها وبقدراتها وتميزها ولا يختزلها في وظيفة الجنس. وبذلك يكون تعدد الزوجات مسألة ضد حقوق المرأة. والدليل على ذلك أنك لن تجد امرأة تكون راضية تمام الرضا عن زوجها الذي سيقوم بممارسة تعدد الزوجات. والجميع يعرف كيف أن النبي رفض أن يقوم علي بن ابي طالب بتعدد الزواج على ابنته فاطمة الزهراء.

- تعدد الزوجات بين التنظير والممارسة الواقعية:

تعدد-الزوجات-مشاكل-الصراع
مشاكل-تعدد-الزوجات
        يعتقد كثير من الناس أن التعدد يقتضي توفر شرط القدرة الجسدية والقدرة المالية، بحيث يقصد بالقدرة الجسدية في الغالب استطاعة تحقيق الرغبات الجنسية لعدد الزوجات والسهر على إدارة الحياة المنزلية، اما القدرة المالية فتدل على النفقة على كل زوجة وما تنجبه من أولاد. وهذا الاعتقاد باطل لأن الزواج لا ينحصر في الجنس والنفقة فقط، وإن كان الجنس والنفقة شروطا ضرورية. إن الزواج علاقة انسانية وعاطفية وجدانية ووجودية تربط بين رجل وامرأة وهذه العلاقة لا يعيقها قلة النفقة ولا قلة الجنس وإنما تتأثر كثيرا من جهة تغير المشاعر والعلاقة العاطفية. لهذا فإن تعدد الزوجات وإن كان يجبر المرأة على البقاء في بيت زوجها وتحت وصايته بقوة النصوص التشريعية غير أنه لايضمن بقاء العلاقة العاطفية والمحبة بين الزوجين. ويترتب عن هذا الامر نفاق بين الزوجين قد يصل الى مستوى الحقد والانتقام. سواء بالنسبة للزوج او لزوجاته الاخريات او لأبناء زوجاته. والتاريخ يشهد على كثير من المشاكل بسبب تعدد الزوجات.

- تعدد الزوجات ارضاء لغرور الرجل:

        يمكن اعتبار تعدد الزوجات تعبير عن سلطة الرجل ورغبته في التباهي بفحولته الجنسية، واظهار حكمته في تدبير أسرة كبيرة العدد. وهذا الامر يظهر منطق التفكير الامبراطوري عند كثير من الذكور الذين لا يجدون طريقة في اثبات الذات سوى تعدد الزوجات. فتعدد الزوجات لا يظهر بكل تأكيد فحولة الرجل بل يثبت عُقَدَه النفسية مع الجنس وازدراءه للمرأة واختزالها في البعد الجنسي. والواقع أن الجنس مجرد حاجة طبيعية يتحقق اشباعها بشكل كافي مع أنثى واحدة، عند الرجل السوي. وكلما كان علاقة المحبة بين الزوجين أكثر فإن الاستمتاع الجنسي يكون أكبر. غير أن تعدد الزوجات ترافقه صراعات بين الزوجات وحقد وحسد ومشاكل كثيرة مع الزوج، وهو الامر الذي سيضعف بكل تأكيد علاقة المحبة بين الزوجين ويحول العلاقة الجنسية الى سلوكات ميكانيكية فارغة من المشاعر العاطفية، وبدون استمتاع ومملة.

        إن قضية تعدد الزوجات يجب النظر اليها من الناحية الانسانية والحقوقية التي تجعل كل من الرجل والمرأة انسان كامل له كرامة تستوجب الاحترام. فتطبيق التعدد يخل بهذه الكرامة ويلغي الاحترام.
شاركه على جوجل بلس

الكاتب ziton

    تعليقات الموقع
    تعليقات الفيس بوك

0 comments:

إرسال تعليق