السياحة الدينية وتجار الدين

السياحة الدينية وتجار الدين

religious_tourism_islam_kaaba
السياحة-الدينية-تجار-الدين
           تشكل السياحة الدينية وتجار الدين مظهرا اخر لاستغلال الدين لتحقيق اهداف اقتصادية، إذ تحقق السياحة الدينية أرباحا خيالية تقدر بملايير الدولارات سنويا، كما يستفيد تجار الدين من الثقة التي يحضون بها لدى المؤمنين واتباع الديانات، وذلك من اجل تشجيع الناس على المزيد من التبرع والعطاء والصدقة وبذلك يحققون ارباح خيالية. وليس هدف هذا المقال هو الاساءة الى الاديان، بل الهدف هو توضيح طرق استغلال الدين لاهداف اقتصادية وسياسية. وترتبط السياحة الدينية بزيارة الاماكن المقدسة والمعابد والمساجد والكاتدرائيات، وتنتشر السياحة الدينية في كل الديانات بحيث تجد اقبالا كبيرا على الاماكن المقدسة، وترافقها انشطة اقتصادية مربحة مثل المتاجرة في الاشياء والرموز الدينية مثل اللباس الديني والحلي والعطور والصليب والتماثيل والافرشة ذات الطابع الديني. وتعتبر مكة والمدينة من اكثر الاماكن استقبالا للسياحة الدينية بالنسبة للمسلمين السنة، كما نجد ان كربلاء من اشهر المناطق جلبا للسياحة الدينية بالنسبة للشيعة، أما بالنسبة للمسيحيين فتعتبر مدينة القدس ومدينة بيت لحم ومدينة الفاتكان وروما والقسطنطينية (اسطنبول حاليا) من اكثر المناطق جلبا للسياحة الدينية المسيحية، أما بالنسبة للهندوسية فيعد معبد براهما الموجود في مدينة بوشكار الهندية من اكثر المناطق جلبا للسياحة الهندوسية، بينما تعتبر مدينة فاراناسي العاصمة الروحية لكثير من الديانات الهندية مثل الديانة البودية والهندوسية واليانية. ورغم عدم وجود احصائيات دقيقة بخصوص السياحة الدينية إلا أن عدد السياح الذين يقبلون على الحج وزيارة المناطق المقدسة في كل الديانات يتجاوز 300 مليون شخص سنويا.


السياحة الدينية في الاسلام:

religious_tourism_islam_macca_pilgrimage
السياحة-الدينية-خيام-الحجاج-مكة
       يشكل الحج والعمرة احد الاركان الاساسية في الديانة الاسلامية، وبناء على ذلك تستقبل مكة والمدينة ازيد من 4 اربعة ملايين  شخص خلال موسم الحج وحوالي 5 ملايين خلال العمرة سنويا، بمجموع يقترب من 10 ملايين حاج ومعمر (شخص) سنويا. وينتج عن هذا رواجا اقتصاديا لا مثيل له بالنسبة للسعودية، حيث يقيم الحجاج في موسم الحج ازيد من شهر وفي موسم العمرة حوالي شهر. ويتنقل الحاج بين اربعة مدن (مكة، المدينة، منى، المزدلفة) بحيث يساهم في رواج حركة النقل بحيث تكثر المضاربة وترتفع الاسعار نظرا لكثرة الحجاج، كما يكون الحجاج مجبرين على شراء اغنام الاضحية والهدي بالنسبة للحج، وكل شخص يؤدي ما يتجاوز 150-300 دولار مقابل كبش الاضحية دون ان يأكل منها. كما يقوم اغلب الحجاج بشراء عطور ولباس وبعض المنتوجات المقترنة في تفكيرهم بالحج. ولايحصل كثير من الحجاج على فنادق جيدة بل يكفتون بالخيام، كما لا يستفيدون من خدمات جيدة، ورغم ذلك يقبل المسلمون الخدمات السيئة ويبررونها دينيا. وتشير الاحصائيات الى أن عائدات الحج والعمرة بالنسبة للسعودية اصبحت تتجاوز عائدات البترول، حيث تقدر أرباح الحج والعمرة سنويا بأزيد من 30 مليار دولار، رغم ان النظام السعودي لايكشف الاحصائيات الدقيقة للارباح الاقتصادية.بحيث تبلغ تكلفة الحج لكل شخص مايزيد عن 6000 دولار مشتملة على مصاريف النقل والسكن والاضحية والغذاء والمشتريات...

religious_tourism_shiaa_karbalaa
الشيعة-كربلاء
         ولاتقتصر السياحة الدينية في الاسلام على الحج والعمرة فقط، بل نجد لدى الشيعة زيارة لمدينة كربلاء العراقية من أجل القيام بطقوس ذكرى عاشوراء الخاصة بمقتل الحسين بن علي بن ابي طالب، حيث يتجاوز عدد المشاركين في هذه السياحة الشيعية ازيد من 2 مليون شخص. ونجد في كل دولة أماكن تعتبر مقدسة يقوم المؤمنون بزيارتها سواء كانت زوايا (خاصة بالطرق الصوفية) او مساجد او أضرحة خاصة بالاولياء او غيرها. وتتميز هذه السياحة الدينية باستعداد المؤمن بدفع امواله بسخاء اعتقادا منه ان انفاق المال في هذه الاماكن يكون بهدف التقرب من الاله، بحيث تحدد مجموعة من الطرق لانفاق المال سواء من خلال طقوس شراء منتوجات او اشياء تعتبر مقدسة او مرتبطة بالمقدس، او من خلال التبرعات والهبات والصدقات التي تقدم سواء لأشخاص او جمعيات او للعاملين في القطاع. وتجدر الاشارة الى أن هناك حيل كثيرة تستخدم لاستنزاف أموال السياح الدينيين، منها غلاء الاثمان مقارنة مع السعر الحقيقي للمنتوجات، ثم الكذب على السياح مثال: ادعاء ان المنتوج من مكان مقدس وهو ليس سوى منتوج مستورد من بلاد اجنبية (الصين مثلا)، مثل العطور الهندية والباكستانية التي تباع في مدينة مكة ويزعم البائعون أنها عطور مكة. كما تباع أمور تافهة جدا بحيث يضفى عليها الطابع الديني.


السياحة الدينية في المسيحية:

      تشكل السياحة الدينية عند المسيحيين أمرا مثيرا للاهتمام، بحيث يقوم بالسياحة الدينية ازيد من 150 مليون سائح مسيحي سنويا بهدف زيارة الاماكن المقدسة والكنائس والكاتدرائيات. ويقوم ملايين من المسيحيين كل عام بزيارة الارض المقدسة (القدس وبيت لحم)، وكنيسة القيامة والفاتكان وكنيسة القديس بطرس، وكثير من الكنائس الاخرى سواء في ايطاليا او في تركيا او فلسطين او اليونان او غيرها... وتوجد لدى كل طائفة مسيحية أماكن مقدسة يتم زيارتها سواء بالنسبة للطائفة الكاثوليكية او الطائفة الارثوذوكسية او الطائفة الانجليكانية، ويتم استغلال المتديين بتقديم التبراعات، وتقديم المال والهدايا بسخاء. وتسخر لهذه السياحة الدينية مجموعة من الاعلانات والحملات التبشيرية.
       ونفس الامر بالنسبة للديانة اليهودية، حيث يوجد لدى اليهود مجموعة من المناطق المقدسة التي يتم زيارتها سواء في ارض القدس او بدول اخرى مثل المغرب ومصر وغيرها.


السياحة الدينية في الهندوسية والبوذية

Pushkar-Brahma-Temple
معبد-براهما-بوشكار
          ولا يختلف الامر كثيرا بالنسبة للديانة البوذية والهندوسية وكثير من الديانات الشرقية الاخرى، فلكل ديانة اماكن مقدسة يتم زيارة والقيام بالحج اليها، وتقام فيها مجموعة من الطقوس والصلوات، وترافق هذه الطقوس والصلوات طرق جمع المال والتبرع، إضافة الى المساهمة في تحقيق رواج اقتصادي للمناطق التي تستفيد من السياحة الدينية. فبالنسبة للديانة الهندوسية يتم زيارة معبد براهما بوشكار وكثير من المناطق الاخرى، اما بالنسبة للديانة البوذية فيتم زيارة مدينة فاراناسي.

          ويتضح من كل ماسبق أن كل الديانات لديها سياحة دينية يقوم عليها كثير من تجار الدين سواء، كانوا يشتغلون مباشرة في تقديم الخدمات للمؤمنين، او كانوا ممن يشتغل في مجال الدعاية والدعوة والتبشير لنشر الديانة وجلب اتباع والحصول على مزيد من السياح الجدد. وفي العصر الحالي اصبح استخدام طرق جديدة في الدعاية والتبشير وجلب سياح جدد، سواء من خلال وسائل الاعلام او الانترنت. بحيث يشتغل جيش من تجار الدين في اقناع الناس بضرورة التوجه لزيارة الاماكن المقدسة، ويحصلون طبعا على عمولات ومبالغ مالية خيالية مقابل عملهم في الاعلان والدعاية والدعوة والتبشير بالديانة والسياحة الدينية.
شاركه على جوجل بلس

الكاتب ziton

    تعليقات الموقع
    تعليقات الفيس بوك

0 comments:

إرسال تعليق