الاعلام المضلل واشاعة الاوهام

media_press_tv_radio_rumor_delusions
الاعلام-المضلل-الاوهام


      يطرح الاعلام في عصرنا مشكلة ثنائية، فهو من جهة يدعي نشر الحقيقة والخبر ويفضح الفساد ويوصل المعلومة الى عموم الشعوب، لكن من جهة اخرى يستخدم من طرف السياسيين لمصالح خاصة وخدمة ايديولوجيات تؤدي الى تزوير الحقيقة ونشر الاكاذيب واشاعة الاوهام وتضليل الشعوب. لقد اصبح الاعلام المضلل وسيلة أساسية لإشاعة الاوهام وصناعة الرأي العام وأداة مهمة للتحكم في طريقة تحليل وفهم الاحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يعرضها. إن الاعلام يشكل طريقة للتوجيه نحو فهم الحدث بالطريقة التي يريدها صناع القرار السياسي والمشرفين على الاعلام.


- الاعلام والشعارات الزائفة:
        ينطلق الاعلام من عدة شعارات خادعة تهدف الى تمويه الشعوب، بحيث تركز على ايجابيات الاعلام وتوهم الناس بأهميته، وقد تبالغ بعض هذه الشعارات لتجعل من الاعلام سلطة واداة حاسمة للتغير. والمعلوم ان هذه الشعارات تصنع من طرف المشرفين على الاعلام الذين هم في الغالب إما سياسيين او تحت توجييه السياسيين. ولاشك أنك سمعت عبارات مثل "الاعلام هو السلطة الرابعة" التي تجعل للاعلام مكانة سلطوية تتساوى مع السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، لكنك لم تتساءل: من يمنح للاعلام هذه السلطة؟ هل الحكومات والانظمة، أم الشعب؟ ومن يستفيد من سلطة الاعلام؟ وهل هي سلطة تفرض على الحكام والسياسيين ام على الشعب؟ لن نتوقف لتقديم اجابات عن الاسئلة هنا، وإنما يكفي ان تكون فرصة للتفكير.

press_media_radio_tv_misleading
أوهام-الاعلام-المضلل
      ولعلك سمعت مرارا عن شعار:"حق الشعب في الوصول الى المعلومة"، وفي الحقيقة يشكل هذا الشعار المبرر الاساسي لعمل الاعلام كله ولمهن الصحافة. غير أن هذا الامر يقتضي الاتصاف بالموضوعية والحياد، والتخلص من الاديولوجية والتمويه والنوايا المبيتة. غير أن عمل الصحافة في معظمه يتميز باختيار قضايا دون اخرى، وتسليط الضوء على مشاكل دون غيرها، وتقديم مواقف معينة تخدم ايديولوجيات ومصالح محددة. وهذا الامر يفقد الاعلام مصداقيته. فكثير من القضايا المهمة يتجاهلها الاعلام، وكثير من القضايا التافهة تظل ألسنة الاعلاميين تتشدق بها وحناجرهم تصدح بها. ولو أنك أعدت النظر في الموضوعات الاعلامية ستجدها دائما في خدمة رجال السياسة، والشعوب لا تستفيد في الغالب من الاعلام شيئا. فالموضوعات المهمة بالنسبة للشعوب يتم تجاهلها. وبالمقابل يتم تسليط الضوء على قضايا سياسية ويتم ادعاء انها لخدمة الشعب.

- الاعلام وسيلة للتضليل واشاعة الاوهام:
          تختلف انواع التضليل الاعلامي من حيث الخطورة، فبعضها يتعلق بانتاج اكاذيب ونشرها والدفاع عنها وجعلها حقيقة، كما وقع بخصوص اتهام العراق بامتلاك اسلحة الدمار الشامل، وكما يقع باستمرار بخصوص قضية الارهاب. وبعضها يرتبط بتزوير الحقيقة وتشويه المعطيات الواقعية كما وقع بخصوص الحاكم الليبي معمر القذافي، وكما يقع دائما في القضايا الاجتماعية حيث يتدخل الاعلام لينقل صورة معكوسة عن الوقائع. أما اشكال التضليل الاخرى فتتجلى في التركيز على قضايا غير مهمة بهدف صرف انتباه الشعوب عن القضايا المهمة. ولعلك تجد نفسك يوميا تتابع اخبار خاصة ببلدان اخرى اكثر مما تسمع عن بلدك الاصلي، وحينما تقع قضية مهمة في منطقتك لا تجد لها ذكرا في وسائل الاعلام.

      أما عملية اخراج الخبر فتخضع لمسار من الانتقاء والتعديل بحيث يتم قطع الفيديوهات، وتعديل الصور واختيار التعليق المناسب للغرض المتوخى من الخبر. فتجد شهادات وتعليقات الاشخاص في الاخبار يتم اختيارها من بين عدة شهادات وتعليقات اخرى. كما أنك ستجد العديد من القنوات التلفزية واذاعات الراديو وحتى الصحافة المطبوعة او الالكترونية تخدم ايديولوجيات بشكل واضح، فالامر لا يحتاج الى كثير من الذكاء لتكتشف ان هناك منابر اعلامية تدعم السياسة الامريكية مثلا، وأن قنوات اعلامية أخرى في خدمة الحكومات المركزية. هذا الامر يجعل مسألة حرية الصحافة واستقلال الاعلام مجرد شعارات مضللة.

      وأخيرا يمكن القول إن الاعلام بكل وسائلة السمعية والبصرية والمكتوب المطبوع والالكتروني ليس سوى وسيلة أخرى من وسائل التحكم، وقد يعتبر من أخطر وسائل التحكم في الشعوب لأنه يتوجه نحو قولبة الفكر وتنميط التصورات حول الوقائع والاحداث، وتوجيه انتباه الشعوب نحو ما يخدم مصلحة الانظمة السياسية.
شاركه على جوجل بلس

الكاتب ziton

    تعليقات الموقع
    تعليقات الفيس بوك

0 comments:

إرسال تعليق